فضيحة الـ 50 ألف مسؤول: جيش من القادة يحكم مدينة تحتضر.. وعدن تسأل: أين تختبئون؟
في مفارقة هي الأكثر إيلامًا في تاريخ العاصمة المؤقتة عدن، يتربع جيش جرار يضم أكثر من خمسين ألف مسؤول وقيادي على أنقاض مدينة تغرق في الظلام والجوع، في مشهد يطرح سؤالاً واحداً على لسان كل مواطن: ما قيمة وجودكم؟
فبينما تتكدس المناصب في هياكل مترهلة تمتد من الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي، مروراً بمجلسي النواب والشورى، وصولاً إلى المجلس الانتقالي الجنوبي ودوائره اللامتناهية، يواصل المواطن العادي هبوطه إلى قاع المعاناة، فلا كهرباء تضيء عتمته، ولا راتب يسد رمقه، ولا أمل يلوح في الأفق.
"ماذا تفعلون؟" - هو السؤال الذي يتردد في شوارع عدن المظلمة وأسواقها المشتعلة بالأسعار. يتساءل الأهالي بمرارة عن جدوى هذا الحشد الهائل من "القادة" الذين لا يُرى لهم أثر إلا في صور الاجتماعات البروتوكولية والبيانات الرنانة التي لا تُطعم جائعاً ولا تضخ ساعة كهرباء إضافية.
ويجمع مراقبون على أن هذه "التخمة" في المناصب لم تعد مجرد فشل إداري، بل تحولت إلى عبء مالي وأخلاقي يستنزف ميزانية الدولة الهشة، ويخلق حالة من الشلل التام نتيجة غياب أي تنسيق أو رؤية موحدة. يعلق أحد المواطنين بتهكم: "لو استبدلنا هؤلاء الخمسين ألفًا بمئة شخص يمتلكون ضميرًا، لكانت عدن اليوم مدينة أخرى".
في المقابل، تستمر دوامة اللقاءات الشكلية والتنقل بين الفنادق المكيفة، بينما تحذر تقارير ميدانية من أن صبر الشارع قد نفد، وأن المدينة تقف على شفا انفجار شعبي وشيك قد لا تُحمد عقباه.
ويبقى السؤال معلقًا في سماء عدن كغيمة سوداء: ما جدوى كل هذه المجالس والحكومات والقيادات إذا كانت النتيجة مدينة تغرق في الفوضى وشعب يتضور جوعاً أمام أعينهم؟