الحوثيون يشعلون البحر الأحمر: ورقة إيرانية أخيرة أم انتحار استراتيجي؟
في تصعيد مفاجئ أعاد التوتر إلى مياه البحر الأحمر، أطلق الحوثيون المدعومون من إيران موجة هجمات جديدة استهدفت سفنًا تجارية بزعم ارتباطها بإسرائيل، بعد ستة أشهر من الهدوء النسبي. هذه العمليات، التي طالت سفينتي "ماجيك سيز" و"إيترنيتي سي"، جاءت في توقيت بالغ الحساسية، وسط مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في الدوحة، وتدارس واشنطن وطهران استئناف محادثاتهما بعد حرب الـ12 يومًا بين إيران وإسرائيل.
رسائل مشفرة من طهران عبر صنعاء
يرى مراقبون أن التصعيد الحوثي الأخير ليس مجرد مغامرة عسكرية، بل رسالة إيرانية مشفرة إلى واشنطن وتل أبيب بأن طهران لا تزال تحتفظ بأوراق ضغط لم تستخدمها بعد. فبينما يصر زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي على أن قرار منع الملاحة الإسرائيلية "حازم ومستمر"، يؤكد محللون أن هذه الهجمات تذكير صريح من الحرس الثوري الإيراني بأن بوسعه إشعال ممرات بحرية استراتيجية متى شاء، من باب المندب إلى هرمز والسويس.
تكتيكات جديدة... وتهديدات أوسع
الهجمات الأخيرة كشفت عن تطور نوعي في قدرات الحوثيين البحرية، مع استخدام زوارق سريعة ومسيّرات مفخخة وصواريخ صغيرة في عمليات مركبة، بعيدًا عن الاعتماد الحصري على الصواريخ بعيدة المدى. ويؤكد خبراء أن الحوثيين باتوا "روادًا في الحروب البحرية" بفضل دعم إيراني مباشر، ما يجعلهم مصدر قلق متزايد للملاحة العالمية، خاصة بعد أن تسببت هجماتهم في تقليص حركة السفن عبر قناة السويس بأكثر من 50% مقارنة بعام 2023.
هل يغامر الحوثيون بمصيرهم؟
رغم الضربات الأمريكية المكثفة التي استهدفت معاقلهم في اليمن، سرعان ما أعاد الحوثيون بناء قدراتهم، ليؤكدوا أن السفن الإسرائيلية ستبقى أهدافًا مشروعة. لكن هذا التصعيد يضعهم في مرمى ردود إسرائيلية أكثر عنفًا، وقد يدفع المنطقة إلى مواجهة مفتوحة تهدد آخر أوراق إيران في "محور المقاومة".
الاقتصاد العالمي على المحك
تداعيات التصعيد الحوثي تتجاوز حدود اليمن وإسرائيل، إذ تهدد باضطرابات واسعة في سلاسل الإمداد العالمية وأسواق الطاقة، مع استمرار المخاوف من إغلاق أو تعطيل الممرات البحرية الحيوية. وتدعو إسرائيل، ومعها أصوات غربية متزايدة، إلى مواجهة حاسمة مع الحوثيين قبل أن تتفاقم الأزمة وتخرج عن السيطرة.
خلاصة ساخنة
بينما يصر الحوثيون على المضي في التصعيد، يبقى السؤال: هل هم مجرد أداة تفاوض إيرانية في لعبة إقليمية أكبر، أم أنهم يغامرون بمصيرهم في مواجهة قد تكون مكلفة وغير محسوبة العواقب؟ البحر الأحمر اليوم على صفيح ساخن، والعالم يترقب من سيدفع الثمن في نهاية المطاف.