لا زالت حبة الكرز تخنق مسالك التنفس عندهم حالما أرادوا بلعها مستصغرين قيمة وقدرة وصمود إرادتها العجيبة، فيلتجؤون إلى الانتقام من واضع هذا اللقب الجميل والمعبر لتمتاز مدينة صفرو بكروية شكلها من كثرة تدحرجها مدفوعة إلى الهاوية من طرف الإهمال السلطوي المقصود لأسباب لم تعد غريبة، وحجمها المضغوط ليظل في صغره مقدوراً على سحقه كلما انتفضت لتخرج من جلباب موسم فلكلوري مرتبط بذاكرة اليهود ومن رسخوا بعدهم بدع ضالة مضلة معيبة، لا هي من أصالة الموقع ولا تقاليد أهالي عُرف عنهم التشبث بعزة النفس ومعانقة الشرف سرا وعلناً والتربية الجاعلة الحلال فوق كل اعتبار لمن يسأل من خيرها النقي مجيبة.
موسم بقدر ما تبدو فيه جميلة بكاؤها يَلخبط ألوان المساحيق المسلطة على وجنتيها الظاهر منها إبان الأعياد الموسمية الظرفية غير الدينية ولا الوطنية، فرح مصطنع عن الارتقاء بالوقار يمنع، والخفي لها كالغضب الشعبي المتنامي عبر السنوات الماضية كالآتية.
صفرو على الحقيقة الحقيقية الآن عكس البارحة، قروية السمات، مغيبة الصفات، أبعد ما تكون عن التمتع بحقوق شقيقاتها الأخريات قرى المملكة المغربية، النائيات عنها كالقريبات، وليس المجلس البلدي من يعجز لنقل حالها لمآل أفضل وأرقى، وإنما هي السلطة الإقليمية غير الموفقة لبسط نفوذها فيما يساعد على اختراق المسطر منذ سنوات للإبقاء على التخلف وفق درجة معينة، والاستثمار الإقليمي تحت عتبة الصفر، والاجتهاد الواجب ضبطه على إيقاع الإصلاح دوماً في عطلة مدفوعة المصاريف الباهظة، يمتاز وسطها عامل الإقليم الذي اختار العزلة وأغلق سبل الاتصال، جاعلاً من مقر عمالته يشبه الثكنة العسكرية الممنوع التقرب منها، والذي لم يكتفِ بوضع حاجز بشري يبعد الوافدين على تلك الإدارة العمومية بأسلوب لن يعودوا إليها مرة ثانية، معززاً بالقوات المساعدة وأزيد من ذلك شرطي ليس مكانه ذاك، بل في جهات أخرى تحتاج لرعايته الأمنية، علماً أن عامل الإقليم مجرد موظف، تضعه الدولة لخدمة المواطنين كافة، وليس للظهور أمامهم وكأنه الحاكم المطلق وعلى رأسه ريشة يخشى أن يهب عليها ريح الغضب الشعبي فتتطاير في الهواء غير الطلق.
موظف من واجب واجباته استقبال الوافدين عليه، والإصغاء الجيد لهم، ومخاطبتهم بأدب جم، فالعمل على حل المشاكل المعترضة طريقهم، وله من الإمكانات البشرية والمادية ما يحل بها تلك الرغبات المشروعة، وكلها قابلة للمعالجة بأبسط الوسائل، ومنها حسن الاستقبال، ومخاطبة الناس بالمنطق، وترك الوعود جانباً، والجلوس على أرض المكاشفة، بحديث صريح لا التواء فيه، ولا الغرض منه ربح الوقت ليعم النسيان، وتتراكم نفس الاحتجاجات وبحدة أعمق وثقة تُفقد.
إقليم يئن تحت وطأة فقر ما كان ليتعاظم مع مرور الأيام، لو وجد مسؤولاً همه الأكبر المساعدة على إيجاد ما يعوض الخصاص، وليس الاكتفاء بالزيارة التي لا طائل منها، إلا صرف ميزانيات بغير مردودية تُذكر، تُهدر على قافلة مرافقة تضم مختلف المصالح الخارجية، كأن القضية متعلقة بنزهة ترفيهية، وليس باتصال أساسه إضافة ما يكرس عناية الدولة بهؤلاء المواطنين الأبرياء، الذين زاد صبرهم على صبرهم ولم يبق ركن فيهم رافضاً الانفجار.
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي